كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هذه الصورة الرائعة الهائلة كانت إعلانًا قويًا عن ميلاد هذه الحقيقة الكبيرة. وكان هذا بعض ما تشير إليه الخطة النبوية الحكيمة..
وتحدثنا بعض روايات السيرة عن صورة من ذلك القرح ومن تلك الاستجابة:
قال محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان أن رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عبد الأشهل كان قد شهد أحدًا قال: شهدنا أحدًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأخي، فرجعنا جريحين. فلما أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو، قلت لأخي- أو قال لي- أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟- والله ما لنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح ثقيل. فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أيسر جراحًا منه فكان إذا غلب حملته عقبة.. حتى انتهيا إلى ما انتهى إليه المسلمون.
وقال محمد بن إسحاق: كان يوم أحد يوم السبت النصف من شوال فلما كان الغد من يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس بطلب العدو وأذن مؤذنه أن لا يخرجن معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس.
فكلمه جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام. فقال: يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي سبع. وقال يا بني أنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة ولا رجل فيهن. ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي. فتخلف على أخوتك. فتخلفت عليهن.. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج معه..
وهكذا تتضافر مثل هذه الصور الرفيعة على إعلان ميلاد تلك الحقيقة الكبيرة في تلك النفوس الكبيرة. النفوس التي لا تعرف إلا الله وكيلًا وترضى به وحده وتكتفي وتزداد إيمانًا به في ساعة الشدة وتقول في مواجهة تخويف الناس لهم بالناس: {حسبنا الله ونعم الوكيل}..
ثم تكون العاقبة كما هو المنتظر من وعد الله للمتوكلين عليه المكتفين به المتجردين له: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله}.
فأصابوا النجاة- لم يمسسهم سوء- ونالوا رضوان الله. وعادوا بالنجاة والرضى.
{بنعمة من الله وفضل}..
فهنا يردهم إلى السبب الأول في العطاء: نعمة الله وفضله على من يشاء. ومع التنويه بموقفهم الرائع فإنه يرد الأمر إلى نعمة الله وفضله لأن هذا هو الأصل الكبير الذي يرجع إليه كل فضل وما موقفهم ذاك إلا طرف من هذا الفضل الجزيل!
{والله ذو فضل عظيم}..
بهذا يسجل الله لهم في كتابه الخالد وفي كلامه الذي تتجاوب به جوانب الكون كله صورتهم هذه وموقفهم هذا وهي صورة رفيعة، وهو موقف كريم.
وينظر الإنسان في هذه الصورة وفي هذا الموقف فيحس كأن كيان الجماعة كله قد تبدل ما بين يوم وليلة. نضجت. وتناسقت. واطمأنت إلى الأرض التي تقف عليها. وانجلى الغبش عن تصورها. وأخذت الأمر جدًا كله. وخلصت من تلك الأرجحة والقلقلة التي حدثت بالأمس فقط في التصورات والصفوف. فما كانت سوى ليلة واحدة هي التي تفرق بين موقف الجماعة اليوم وموقفها بالأمس.. والفارق هائل والمسافة بعيدة.. لقد فعلت التجربة المريرة فعلها في النفوس؛ وقد هزتها الحادثة هزًا عنيفًا. أطار الغبش وأيقظ القلوب وثبت الأقدام وملأ النفوس بالعزم والتصميم..
نعم. وكان فضل الله عظيمًا في الابتلاء المرير..
وأخيرًا يختم هذه الفقرة بالكشف عن علة الخوف والفزع والجزع.. أنه الشيطان يحاول أن يجعل أولياءه مصدر خوف ورعب وأن يخلع عليهم سمة القوة والهيبة.. ومن ثم ينبغي أن يفطن المؤمنون إلى مكر الشيطان وأن يبطلوا محاولته.
فلا يخافوا أولياءه هؤلاء ولا يخشوهم بل يخافوا الله وحده. فهو وحده القوي القاهر القادر الذي ينبغي أن يخاف: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}.
إن الشيطان هو الذي يضخم من شأن أوليائه ويلبسهم لباس القوة والقدرة ويوقع في القلوب أنهم ذوو حول وطول وأنهم يملكون النفع والضر.. ذلك ليقضي بهم لباناته وأغراضه وليحقق بهم الشر في الأرض والفساد وليخضع لهم الرقاب ويطوع لهم القلوب فلا يرتفع في وجوههم صوت بالإنكار؛ ولا يفكر أحد في الانتقاض عليهم ودفعهم عن الشر والفساد.
والشيطان صاحب مصلحة في أن ينتفش الباطل وأن يتضخم الشر وأن يتبدى قويًا قادرًا قاهرًا بطاشًا جبارًا لا تقف في وجهه معارضة ولا يصمد له مدافع ولا يغلبه من المعارضين غالب.. الشيطان صاحب مصلحة في أن يبدو الأمر هكذا. فتحت ستار الخوف والرهبة وفي ظل الإرهاب والبطش يفعل أولياؤه في الأرض ما يقر عينه! يقلبون المعروف منكرًا والمنكر معروفًا وينشرون الفساد والباطل والضلال ويخفتون صوت الحق والرشد والعدل ويقيمون أنفسهم آلهة في الأرض تحمي الشر وتقتل الخير.. دون أن يجرؤ أحد على مناهضتهم والوقوف في وجههم ومطاردتهم وطردهم من مقام القيادة. بل دون أن يجرؤ أحد على تزييف الباطل الذي يروجون له وجلاء الحق الذي يطمسونه..
والشيطان ماكر خادع غادر يختفي وراء أوليائه وينشر الخوف منهم في صدور الذين لا يحتاطون لوسوسته.. ومن هنا يكشفه الله ويوقفه عاريًا لا يستره ثوب من كيده ومكره. ويعرف المؤمنين الحقيقة: حقيقة مكره ووسوسته ليكونوا منها على حذر. فلا يرهبوا أولياء الشيطان ولا يخافوهم. فهم وهو أضعف من أن يخافهم مؤمن يركن إلى ربه ويستند إلى قوته.. إن القوة الوحيدة التي تخشى وتخاف هي القوة التي تملك النفع والضر. هي قوة الله. وهي القوة التي يخشاها المؤمنون بالله وهم حين يخشونها وحدها أقوى الأقوياء. فلا تقف لهم قوة في الأرض.. لا قوة الشيطان ولا قوة أولياء الشيطان: {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}..
وأخيرًا يتجه السياق في ختام الاستعراض والتعقيب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يسليه ويؤسيه عما يقع في قلبه الكريم من الأسى والحزن من مسارعة الكفار إلى الكفر ونشاطهم فيه كأنهم في سباق إلى هدف! فإن هذا لن يضر الله شيئًا. وإنما هي فتنة الله لهم وقدر الله بهم فقد علم الله من أمرهم وكفرهم ما يؤهلهم للحرمان في الآخرة؛ فتركهم يسارعون في الكفر إلى نهايته! وقد كان الهدى مبذولًا لهم فآثروا عليه الكفر؛ فتركوا يسارعون في الكفر. وأملي لهم ليزدادوا إثمًا مع الإملاء في الزمن والإملاء في الرخاء. فهذا الإمهال والإملاء إنما هو وبال عليهم وبلاء.
ويختم الاستعراض بكشف حكمة الله وتدبيره من وراء الأحداث كلها: من وراء ابتلاء المؤمنين وإمهال الكافرين. إنها تمييز الخبيث من الطيب بالاختبار والابتلاء فقد كان أمر القلوب غيبًا مما يستأثر الله به ولا يطلع الناس عليه فشاء سبحانه أن يكشف هذا الغيب بالصورة المناسبة للبشر وبالوسيلة التي يدركها البشر.. فكان الابتلاء للمؤمنين والإمهال للكافرين ليتكشف المخبوء في القلوب ويتميز الخبيث من الطيب؛ ويتبين المؤمنون بالله ورسله على وجه القطع واليقين: {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئًا يريد الله ألا يجعل لهم حظًا في الآخرة ولهم عذاب عظيم إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئًا ولهم عذاب أليم ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذاب مهين ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وأن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم}..
إن هذا الختام هو أنسب ختام لاستعراض الغزوة التي أصيب فيها المسلمون هذه الإصابة؛ والتي رجع منها المشركون بالنصر والغلبة.. فهناك دائمًا تلك الشبهة الكاذبة التي تحيك في بعض الصدور؛ أو الأمنية العاتبة التي تهمس في بعض القلوب أمام المعارك التي تنشب بين الحق والباطل. ثم يعود فيها الحق بمثل هذه الإصابة ويعود منها الباطل ذا صولة وجولة!
هناك دائمًا الشبهة الكاذبة أو الأمنية العاتبة: لماذا يا رب؟ لماذا يصاب الحق وينجو الباطل؟ لماذا يبتلى أهل الحق وينجو أهل الباطل؟ ولماذا لا ينتصر الحق كلما التقى مع الباطل ويعود بالغلبة والغنيمة؟ أليس هو الحق الذي ينبغي أن ينتصر؟ وفيم تكون للباطل هذه الصولة؟ وفيم يعود الباطل من صدامه مع الحق بهذه النتيجة وفيها فتنة للقلوب وهزة؟!
ولقد وقع بالفعل أن قال المسلمون يوم أحد في دهشة واستغراب: أنى هذا؟!..
ففي هذا المقطع الختامي يجيء الجواب الأخير والبيان الأخير. ويريح الله القلوب المتعبة ويجلو كل خاطرة تتدسس إلى القلوب من هذه الناحية ويبين سنته وقدره وتدبيره في الأمر كله: أمس واليوم وغدًا. وحيثما التقى الحق والباطل في معركة فانتهت بمثل هذه النهاية:
إن ذهاب الباطل ناجيًا في معركة من المعارك. وبقاءه منتفشًا فترة من الزمان ليس معناه أن الله تاركه أو أنه من القوة بحيث لا يغلب أو بحيث يضر الحق ضررًا باقيًا قاضيًا..
وإن ذهاب الحق مبتلى في معركة من المعارك وبقاءه ضعيف الحول فترة من الزمان ليس معناه إن الله مجافيه أو ناسيه! أو أنه متروك للباطل يقتله ويرديه..
كلا.
إنما هي حكمة وتدبير.. هنا وهناك.. يملي للباطل ليمضي إلى نهاية الطريق؛ وليرتكب أبشع الآثام وليحمل أثقل الأوزار ولينال أشد العذاب باستحقاق!.. ويبتلى الحق ليميز الخبيث من الطيب ويعظم الأجر لمن يمضي مع الابتلاء ويثبت.. فهو الكسب للحق والخسار للباطل مضاعفًا هذا وذاك! هنا وهناك!
{ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئًا يريد الله ألا يجعل لهم حظًا في الآخرة ولهم عذاب عظيم}..
إنه يواسي النبي صلى الله عليه وسلم ويدفع عنه الحزن الذي يساور خاطره؛ وهو يرى المغالين في الكفر يسارعون فيه ويمضون بعنف واندفاع وسرعة كأنما هنالك هدف منصوب لهم يسارعون إلى بلوغه!
وهو تعبير مصور لحالة نفسية واقعية. فبعض الناس يرى مشتدًا في طريق الكفر والباطل والشر والمعصية؛ كأنه يجهد لنيل السبق فيه! فهو يمضي في عنف واندفاع وحماسة كأن هناك من يطارده من الخلف أو من يهتف له من الإمام إلى جائزة تُنال!
وكان الحزن يساور قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حسرة على هؤلاء العباد؛ الذين يراهم مشمرين ساعين إلى النار وهو لا يملك لهم ردًا وهم لا يسمعون له نذارة! وكان الحزن يساور قلبه كذلك لما يثيره هؤلاء المشمرون إلى النار المسارعون في الكفر من الشر والأذى يصيب المسلمين ويصيب دعوة الله وسيرها بين الجماهير التي كانت تنتظر نتائج المعركة مع قريش لتختار الصف الذي تنحاز إليه في النهاية.. فلما أسلمت قريش واستسلمت دخل الناس في دين الله أفواجا.. ومما لا شك فيه أنه كان لهذه الاعتبارات وقعها في قلب الرسول الكريم. فيطمئن الله رسوله صلى الله عليه وسلم ويواسي قلبه ويمسح عنه الحزن الذي يساوره.
{ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئًا}..
وهؤلاء العباد المهازيل لا يبلغون أن يضروا الله شيئًا. والأمر في هذا لا يحتاج إلى بيان. إنما يريد الله سبحانه أن يجعل قضية العقيدة قضيته هو؛ وأن يجعل المعركة مع المشركين معركته هو. ويريد أن يرفع عبء هذه العقيدة وعبء هذه المعركة عن عاتق الرسول صلى الله عليه وسلم وعاتق المسلمين جملة.. فالذين يسارعون في الكفر يحاربون الله وهم أضعف من أن يضروا الله شيئًا.. وهم إذن لن يضروا دعوته. ولن يضروا حملة هذه الدعوة. مهما سارعوا في الكفر ومهما أصابوا أولياء الله بالأذى.
إذن لماذا يتركهم الله يذهبون ناجين وينتفشون غالبين وهم أعداؤه المباشرون؟
لأنه يدبر لهم ما هو أنكى وأخزى!
{يريد الله ألا يجعل لهم حظًا في الآخرة}..
يريد لهم أن يستنفدوا رصيدهم كله؛ وأن يحملوا وزرهم كله وأن يستحقوا عذابهم كله وأن يمضوا مسارعين في الكفر إلى نهاية الطريق!
{ولهم عذاب عظيم}.
ولماذا يريد الله بهم هذه النهاية الفظيعة؟ لأنهم استحقوها بشرائهم الكفر بالإيمان.
{إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئًا ولهم عذاب أليم}..
ولقد كان الإيمان في متناول أيديهم. دلائله مبثوثة في صفحات الكون وفي أعماق الفطرة. وأماراته قائمة في تصميم هذا الوجود العجيب وفي تناسقه وتكامله الغريب، وقائمة كذلك في تصميم الفطرة المباشرة، وتجاوبها مع هذا الوجود، وشعورها باليد الصانعة، وبطابع الصنعة البارعة.. ثم إن الدعوة إلى الإيمان- بعد هذا كله- قائمة على لسان الرسل، وقائمة في طبيعة الدعوة وما فيها من تلبية الفطرة ومن جمال التناسق ومن صلاحية للحياة والناس..
أجل كان الإيمان مبذولًا لهم فباعوه واشتروا به الكفر على علم وعن بينة ومن هنا استحقوا أن يتركهم الله يسارعون في الكفر ليستنفدوا رصيدهم كله ولا يستبقوا لهم حظًا من ثواب الآخرة. ومن هنا كذلك كانوا أضعف من أن يضروا الله شيئًا. فهم في ضلالة كاملة ليس معهم من الحق شيء. ولم ينزل الله بالضلالة سلطانًا؛ ولم يجعل في الباطل قوة. فهم أضعف من أن يضروا أولياء الله ودعوته بهذه القوة الضئيلة الهزيلة مهما انتفشت ومهما أوقعت بالمؤمنين من أذى وقتي إلى حين!
{ولهم عذاب أليم}..
أشد إيلامًا- بما لا يقاس- مما يملكون إيقاعه بالمؤمنين من آلام!
{ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذاب مهين}..
وفي هذه الآية يصل السياق إلى العقدة التي تحيك في بعض الصدور والشبهة التي تجول في بعض القلوب والعتاب الذي تجيش به بعض الأرواح، وهي ترى أعداء الله وأعداء الحق متروكين لا يأخذهم العذاب ممتعين في ظاهر الأمر بالقوة والسلطة والمال والجاه! مما يوقع الفتنة في قلوبهم وفي قلوب الناس من حولهم؛ ومما يجعل ضعاف الإيمان يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية؛ يحسبون أن الله- حاشاه- يرضى عن الباطل والشر والجحود والطغيان فيملي له ويرخي له العنان! أو يحسبون أن الله سبحانه لا يتدخل في المعركة بين الحق والباطل فيدع للباطل أن يحطم الحق ولا يتدخل لنصرته! أو يحسبون أن هذا الباطل حق وإلا فلم تركه الله ينمو ويكبر ويغلب؟! أو يحسبون أن من شأن الباطل أن يغلب على الحق في هذه الأرض وأن ليس من شأن الحق أن ينتصر! ثم.. يدع المبطلين الظلمة الطغاة المفسدين يلجون في عتوهم ويسارعون في كفرهم ويلجون في طغيانهم ويظنون أن الأمر قد استقام لهم وأن ليس هنالك من قوة تقوى على الوقوف في وجههم!!!
وهذا كله وهم باطل وظن بالله غير الحق والأمر ليس كذلك. وها هو ذا الله سبحانه وتعالى يحذر الذين كفروا أن يظنوا هذا الظن.
إنه إذا كان الله لا يأخذهم بكفرهم الذي يسارعون فيه وإذا كان يعطيهم حظًا في الدنيا يستمتعون به ويلهون فيه.. إذا كان الله يأخذهم بهذا الابتلاء فإنما هي الفتنة؛ وإنما هو الكيد المتين وإنما هو الاستدراج البعيد: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم.. إنما نملي لهم ليزدادوا إثمًا}!